السؤال: نشهد في العصر الحاضر هجمة صليبية علينا ولكنها مختلفة جداً عن الحملات الأولى، فما السبب في ذلك؟
الجواب: في الحقيقة نستطيع أن نقول: إنها ثلاث حملات للصليبيين على بلادنا، بل إن أطول معركة في تاريخ الإنسانية هي معركة المسلمين مع النصارى؛ لأنها تمتد منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وجهاده للروم هو وقواده من الصحابة إلى قيام الساعة.
الحملة الأولى التي كانت كما ذكرنا، فصدها
نور الدين و
صلاح الدين، الحملة الثانية التي يسمونها الاستعمار، وقد أعادت ذكريات الحملة الأولى، فقد دخل قائد الجيش الفرنسي الجنرال
غورو إلى
دمشق، فقال: دلوني على قبر
صلاح الدين، فلما ذهب إلى قبر
صلاح الدين أخذ يركله بقدمه، ويقول: ها نحن قد عدنا يا
صلاح الدين ! فهؤلاء بعد حوالي ألف سنة يجددون ذكرى الحروب الصليبية.
الجنرال
اللنبي قائد الجيش الإنجليزي الذي دخل
القدس ومعه العرب الذين ألبهم، والذين كانوا من أتباع العميل
لورانس وأصحابه، دخلوا مع
اللنبي القدس واحتلها، ووقف على
جبل الزيتون، وقال: الآن انتهت الحروب الصليبية، فهو قد أعاد ما كان قبل ألف سنة أيضاً؛ فكانت هذه النزعة موجودة لديهم بوضوح.
أما الحملة الصليبية الثالثة وهي أخطر الحملات، فهي التي سيشهدها العالم الإسلامي عما قريب؛ لأن النوع فيها مختلف تماماً، وهي تأخذ العبرة من الحملتين.
أما من الحملة الأولى؛ فلأن
لويس التاسع الذي أسر في
المنصورة في
مصر بعد أيام
صلاح الدين رحمه الله كتب وصية للأوروبيين الصليبيين النصارى، وقال: إننا لن ننتصر على المسلمين ما داموا متمسكين بدينهم، وإن أقوى عامل في نصرهم هو دينهم.
وقال: يجب علينا أن نبعدهم عن دينهم، وأن نستعين بالفرق المنشقة، وبنصارى الشرق.
فركز على وصية مهمة وهي: إبعاد المسلمين عن دينهم، ومضى على هذه الوصية ثمانمائة سنة تقريباً، وإذا بالمستعمرين -كما يسمون- يعيدونها.
الحرب الصليبية الثالثة القادمة سوف تكون أعتى، وسوف تكون غزواً فكرياً؛ لأنها عن طريق التسلط الثقافي والفكري تريد أن تمسخ هذه الأمة، والحقيقة أن الحرب الصليبية القادمة لن تكون معركة غالب ومغلوب كما كانت الحروب القديمة، وإنما هي معركة وجود أو عدم؛ لأنها ستكون مسخاً كلياً للأمة، بالشهوات والإباحية، وتفتيت العقيدة بالمذاهب، والبلبلة بالإلحاد والفساد، وعن طريق والتسلط الاقتصادي والفكري، وعن طريق البث المباشر والأقمار الصناعية، والتلفزة والتقنية الحديثة، وغسيل المخ الذي سوف يمارس بشكل كبير على الأمة، وليس على أفراد منها.